قصة ميكروسوفت كاملة لأول مرة منذ نشأة Bill gates وحتى وصول Satya Nadella على القمة مروراً بفشلها في الهواتف الذكية وحقيقة دعمها لشركة Apple
كانت هذه القصة ولسببٍ ما واحدة من أكثر القصص طلباً في برنامج الحكاية والرواية، وبنسبة كبيرة، فالسبب وراء ذلك معروف، فهذه القصة ليس قصة لمُجرد شركة في وادي السيليكون، ولكنها قصة لشركة تمكنت من أن تكون أكبر مُوفِّر لبرمجيات الحواسيب في العالم في وقتٍ قصير للغاية، كما أنها مكنت مُؤسسها – في أوائل الثلاثينيات من عُمره- ملياردير، وذلك في عام 1983.
ما هي قصة هذه الشركة، وما هي أسباب نجاحها، وكيف وصلت لمكانتها الحالية، ولماذا فشلت في الأجهزة المحمولة، وما الحقيقة وراء استثمارها في شركة Apple وعداوتها أو صداقتها مع ستيف جوبز مُؤسس الشركة؟
كُل هذه الأسئلة سنُجيب عليها في الأسطُر التالية، فأهلاً بكم في حلقة جديدة من سلسلة مقالات الحكاية والرواية، واليوم، سنروي قصة ميكروسوفت .
بالرغم من ثراء عائلة Bill، إلا أن هذا لم يكن سبباً رئيسياً في ثروته، بل يُمكن أن نقول إنه لو كان قد اتبع رغبات والده وأصبح مُحامياً مثله، لما كُنا سمعنا اليوم عن شركة تُدعى ميكروسوفت.
بسبب رغبة والد Bill في أن يكون مُحامياً، أدخله مدرسة Lakeside، وهي مدرسة خاصة عسكرية، تتميز بقوانينها الصارمة للغاية، وقد استمر Bill Gates في هذه المدرسة حتى قابل شخصاً يُدعى Paul Allen، ولكن; قبل أن نتطرق إلى Paul Allen، دعني أعرفك ب Bill Gates أولاً.
كان Bill Gates مثله مثل Elon Musk، حيث كان يُعاني من التنمُّر المُستمر في المدرسة، ويبدو أنه بجانب جامعة ستانفورد، فإن التنمر في الصغر هي الصفة المُشتركة بين كافة الناجحين في وقتنا الحالي.
في الناحية الأُخرى، فإن عائلة Bill Gates كانت صارمة للغاية، فبُناءً على رواية أحد أصدقائهم الذي قام بزيارتهم في وقتٍ ما، كان هُناك تشجيع دائم للمُنافسة في العائلة، فيما يعني أنه إذا قُمت بعمل شيء جيد، ستُكافئ عليه، وإذا قُمت بعمل شيء سيء، سيتم عقابك في الحال، وذلك بغض النظر عن كيفية العقاب والثواب.
إضافةً إلى كُلِ هذا، فإن Bill Gates كان دائماً ما يجلس في غُرفته وحيداً، وذلك بسبب الذي ذكرته في الأسطر السابقة، وعندما كانت والدته تسأله عما يقوم بفعله، كان يصرُخ قائلاً “أنا أُفكر”.
كان تفكير Bill Gates واضحاً للغاية، فقد كان يُفكِّر في أجهزة الكمبيوتر، يريد أن يعرف آلية عملها، ويُريد أن يعرف ما يُمكن أن يستفيده إذا قرر أن يتوجه في العمل إلى مجال أجهزة الكمبيوتر، سواءً كان أن يقوم بتركيبها أو تجميعها أو استخدام برمجياتها أو حتى برمجة أنظمتها.
ولذلك; فعندما قامت المدرسة بإحضار جهاز Teletype Model 33، والذي كان طابعة أكثر منه كمبيوتر، قرر Bill أن يُظهر شغفه بالجهاز، وذلك عن طريق حصص الرياضيات التي كان يدرسها، حيث قام حينها ببرمجة أول لعبة بنفسه، وهي لعبة XO.
كانت لعبة XO التي قام Bill Gates بتطويرها بوابته للعالم الجديد، وذلك لأنه تمكن حينها من السماح للبشر بلعب لعبة شائعة مثل XO -أو ما تُعرف ب Tic Tac Toe – مع أجهزة الكمبيوتر.
بعد نهاية حدث Mother’s Club، كان Bill وثلاثة من أصدقائه هُم Paul Allen و Ric Weiland و Kent Evans يُحاولون استغلال ثغرات في جهاز PDP-10 كي يتمكنوا عن طريقها من إطالة مُدة جلوسهم على هذه الأجهزة بشكلٍ مجاني، وحينها تم اكتشاف ما يقوم به الأصدقاء الأربعة وحُظِروا من التواجد داخل المدرسة طوال مُدة الصيف.
ولكن; فهذه لم تكن النهاية، فقد تجمع هؤلاء الأربعة وأسسوا ما عُرِف ب Lakeside Programmers Club، وهي مجموعة كانوا يُحاولوا من خلالها الوصول إلى طرق لكسب المال، وقد كان.
ففي وقتٍ لاحق، أصبح سبب حظر Bill وأصدقائه من المدرسة نعمةً عليهم، وذلك عندما ذهبوا إلى شركة CCC المُتخصصة في البرمجيات، والتي كانت أول من وفر إمكانية استخدام الطلاب وغير الطلاب لأجهزة الكمبيوتر بنظام مُشاركة الوقت (Time Sharing)، وعرضوا عليها أن يقوموا باكتشاف الثغرات في أنظمتهم، وذلك في مُقابل السماح لهم بالجلوس مُدة أطول على هذه الأجهزة، وقد استمر عملهم في هذه الشركة ك White Hackers حتى عام 1970، وهو العام الذي أغلقت فيه الشركة.
ولكن; لم يتوقف Bill عند هذه النُقطة، فقد ذهب بعد ذلك إلى المدرسة مُعتمداً على شجاعته في العرض، حيث قال لهم أن الجداول التي تُستخدم في المدرسة غير مُجدية وغير عملية، وطلب منهم أن يتركوا مهمة برمجة نظام معلومات خاص بالمدرسة له.
قام فعلاً Bill Gates ببرمجة نظام المعلومات الذي وعد به المدرسة، وقد قام حينها بتنظيم الحصص سامحاً لنفسه بذلك بالتواجد في الحصص التي تتواجد فيها الفتيات الاتي كان يُعجب بهن.
درس Bill Gates في جامعة هارفارد في كلية الحقوق، وتخصص حينها في قسم Pre-Law، ولكنه لم يُعطيها تركيزاً كبيراً، حيث أنه كان يُركز على تعلم الرياضيات وعلوم الكمبيوتر.
قابل Bill Gates في الجامعة صديقه Steve Ballmer، وقد يكون هذا من أسوأ ما قد حدث في حياة Bill وفي تاريخ ميكروسوفت، وسوف أوضِّح ذلك بشكلٍ أكبر في وقتٍ لاحق.
عندما أطلقت شركة MITS جهاز كمبيوتر صغير (Microcomputer) يُدعى Altair 8800، قامت بالإعلان عنه في إحدى المجلات، وقد وجد Paul Allen – صديق طفولة Bill Gates- هذه المجلة، وحينها انطلق إلى Gates ليُريها إياه.
بمُجرد أن رأى Bill Gates هذه المجلة، قرر أن يترُك الجامعة، وقد كان هذا قراراً صعباً للغاية على عائلته، ولكنهم تفهموا الأمر حينها بعدما رأوا شغفه بأن يقوم بإنشاء شركته الخاصة في مجال الكمبيوتر.
ركّز Bill و Paul على أن يقوما بعمل جهاز مُحاكي لجهاز Altair، وذلك بالإَضافة إلى قارئ للغة BASIC، وذلك كي يكونوا صادقين مع Roberts، وقد نجح عرضهم بالفعل في مقر شركة MITS في مدينة Albuquerque، وهي المدينة التي أصبحت بعد ذلك المقر الرسمي لشركة ميكروسوفت.
بعد هذا العرض، قررت شركة MITS أن تقوم بتوزيع القارئ الجديد الذي قام Bill و Paul بتصميمه وصنعه تحت اسم Altair BASIC، وقد أمرت أيضاً بتوظيف كُلاً من Bill و Paul، وقد أطلق كلاهما على الشراكة التي بينهما اسم Micro-Soft، وهو اسم مُكون من كلمتين هُما Micro التي تأتي اختصاراً ل Microcomputer، وهي أجهزة الكمبيوتر التي كانت تُسيطر على العالم وقتها، بالإضافة إلى كلمة Soft التي تأتي من كلمة Software وتعني البرمجيات، وقد تم بعد ذلك إنشاء مكتب لميكروسوفت في Albuquerque، وقاموا بتسجيل الشركة في نوفمبر من عام 1976.
ولكن; تأتي الرياح بما لا تشتهي السُفُن، فقد تم تسريب جهاز Altair BASIC، وقد قامت الكثير من الشركات حينها بتقليده وصنع نسخ منه وقد بيعت بشكلٍ كبير، وفي فبراير من عام 1976، أرسل Bill بريداً لمن قاموا بشراء الجهاز ليُخبرهم بأن ما يُقارب من 90% من الأجهزة التي بيعت ذهبت أرباحها إلى الشركات التي قامت بعمل نُسخ مُزيفة من جهازه.
بعد انتهاء هذه المُشكلة، انفصلت ميكروسوفت عن MITS، ولكنها استمرت في تطوير برمجيات لغة البرمجة، حتى أن شركة Microsoft قد استطاعت بعد عامين فقط أن تقوم بعمل أول مكتب لها في اليابان، ليكون بذلك أول مكتب دولي للشركة ويحمل اسم ESC2 Microsoft، وفي الوقت الحالي يُدعى Microsoft Japan.
بدأت شركة ميكروسوفت في التوسع بشكلٍ أكبر في عام 1979، وذلك من خلال توظيفها لأفضل الكوادر الموجودة في مجال البرمجة، وذلك حتى وصلت إلى 30 مُوظف، وقد كان آخرهم Steve Ballmer.
كانت شركة ميكروسوفت تتعامل مع المُوظفين في ذلك الوقت كجُزء من الشركة، وتتعامل مع المُديرين كجزء من العمل، فيُمكن لك أن تتخيل ببساطة أن Bill Gates كان مُديراً ومُبرمجاً في الوقت ذاته لأكثر من ثلاثة أرباع المُنتجات التي قامت الشركة بصنعها.
بالإضافة إلى ذلك، فوِفقاً ل Bill Gates، كان يقوم بنفسه بمُراجعة كُل ما يُكتب بواسطة المُوظفين بنفسه.
يُقال أنه في تلك الفترة، حاول Bill Gates أن يقوم بإقناع Paul Allen بأن يترك له حصته في الشركة، وعندما رفض Paul Allen ذلك، طلب منه جيتس أن يُخفض حصته في أسهم الشركة إلى 40 بالمائة لتُصبح حصة Bill Gates بنسبة 60%، وذلك باعتبار أن بيل كان من قام بكافة العمل تقريباً، وبعد ذلك بفترة قصيرة، قام بيل برفع حصته في الشركة لتُصبح 64% مُقابل 36 بالمائة لصالح Paul Allen، وقد حاول كثيراً أن يُقنع Paul بشراء أسهمه مُقابل خمسة دولارات للسهم الواحد، ولكن استمر Paul في الرفض، وقد كان هذا الرفض أفضل ما فعله Paul، حيث أنه بعد انضمام الشركة للبورصة الأمريكية، أصبح Paul مليارديراً بجانب Bill Gates.
في أثناء كُل ذلك، كان يزيد تواجد Steve Ballmer في الشركة، وذلك بعد أن انضم لها في عا م1980 كالموظف رقم ثلاثين، وقد تم تعيينه بواسطة Bill Gates ليكون أول مُدير تطوير أعمال في الشركة براتب 50 ألف دولار.
لم تكن ميكروسوفت في تلك الفترة مُتوجهة للمُنافسة بشكلٍ كبير كما في الفترة التي تلتها، فقد كان هدفها هو التواجد في كافة الأجهزة من خلال برمجياتها، وليس مُنافسة مُصنعي الأجهزة مثل IBM على سبيل المِثال.
لذلك; قامت ميكروسوفت بعقد شراكة مع IBM في عام 1980، وذلك بموجب توفير ميكروسوفت لنظام التشغيل وتوفير IBM للأجهزة والقطع الداخلية لها، وقد وقع خيار جيتس وآلين حينها على نظام QDos أو 86-Dos، وذلك بعدما فشلوا في الوصول لاتفاق مع شركة DRIO (Digital Research)، والتي قامت بتصنيع نظام CPM الذي كان يُستخدم بشكلٍ شائع في ذلك الوقت.
لم يكن نظام 86-Dos من صُنع ميكروسوفت، وقد تكون هذه هي أولى الصدمات التي تكتشفها في قصة ميكروسوفت ، فهذا النظام كان من صُنع شركة Seattle Computer Products، والتي كان يمتلكها Tim Paterson.
اتفقت ميكروسوفت حينها مع Seattle Computer Products على شراء النظام، وبعد ذلك ذهبت لشركة IBM لتعرضه عليها كي تشتريه بقيمة 50 ألف دولار.
لم تكن اتفاقية الشراء تقضي بأحقية استخدام IBM لنظام 86-DOS بشكلٍ حصري، ولكن كان يوجد شرط في الاتفاق يسمح لميكروسوفت بتوفير النظام على أي جهاز آخر تقوم بتصنيعه أي شركة أُخرى وإن كانت مُنافسة ل IBM، وهو ما سمح لها بالتواجد بشكلٍ أكبر في السوق، وذلك لأن مبيعات النظام الجديد وصلت إلى أقصاها بسبب توفره على الكثير من الأجهزة، وذلك مُقارنة بأنظمة شركة Apple التي كانت تصعد في ذلك الوقت بسبب حصرها لنظامها على أجهزتها التي كان يعيبها ارتفاع ثمنها وعدم وجود خيارات كثيرة منها.
استمر العقد بين ميكروسوفت و IBM حتى عام 1981، وهو العام الذي استعادت فيه ميكروسوفت حقوق الملكية الكاملة لنظام 86-DOS، والذي قامت شركة IBM بإعادة تسميته ليُصبح PC-DOS، ولكن; كان هُناك مُشكلة واحدة أمام ميكروسوفت.
كانت شركة IBM هي الشركة الوحيدة التي قدمت ما يُعرف ب BIOS (Basic Input/Output System)، وذلك بحقوقٍ كاملة لها دون الحق لأي شركة أُخرى أن تقوم باستخدام نظامها، ولهذا السبب، اضطرت الشركات التي كانت تُريد استخدام نظام 86-DOS إلى أن تقوم بإجراء هندسة عكسية على نظام BIOS الخاص ب IBM، وذلك ليتمكنوا من معرفة آلية عمله وكيفية صُنع نظام مُشابه له، وبالفعل، تمكنت تلك الشركات من صُنع نظام خاص بهم ليُصبح بذلك استخدام نظام 86-DOS مُمكناً بالنسبة لهم.
مع مرور الوقت، ومع توفر الكثير من البرمجيات على نظام MS-DOS، وهو الاسم الذي أطلقته عليه ميكروسوفت بعدما استعادت حقوقه، تمكنت ميكروسوفت من أن تكون هي القائد التقني الجديد، وذلك بسبب تواجدها في أجهزة كافة الشركات بخلاف أجهزة Apple و IBM.
وهُنا، نصل إلى المرحلة الثانية من قصة ميكروسوفت ، ولكن، قبل أن أنتقل إلى المرحلة الثانية، دعني أخبرك الحقيقة وراء استثمار ميكروسوفت في شركة آبل
بالعودة إلى عام 1984، وتحديداً في مقر شركة آبل، والتي كانت تُدار وقتها بواسطة John Scully، المدير الذي سلف Steve Jobs بتوصية منه، وذلك هو الوقت الذي بدأت فيه شركة آبل بتصدير نظام ماكينتوش وتُوفِّره على الأجهزة، طلب Bill Gates من John كمُمثِّل عن شركة آبل أن يقوم بترخيص نظام ماكينتوش للاستخدام العام، فيما معناه أن يُسمح باستخدامه على كافة الأجهزة دون وجود حقوق حصرية لاستخدامه على الأجهزة التي تُصنعها شركة Apple، وذلك بهدف انتشار أجهزة الكمبيوتر الشخصية، وبطبيعة الحال سيعود هذا بالنفع لميكروسوفت التي ستُوفِّر برمجياتها على المزيد من الأجهزة وللمزيد من العُملاء، وحينها قد وافق Scully.
ولكن; بعد ذلك بعام، تحديداً في عام 1985، قام Jean Louis Gassee الذي كان مُديراً تنفيذياً لقسم Macintosh التابع لشركة Apple بفض هذا الاتفاق، وكان ذلك سبباً في أن يأخذ Bill Gates الأمر كتحدي، ليقوم في النهاية بعمل نظام جديد ذا واجهة رسومية، مثله مثل نظام Macintosh.
تعاون Bill مع شركة IBM في هذا النظام، وأُبرمت شراكة بينهما تُدعى Joint Development Agreement، وقام كلاهما بتطوير نظام يُدعى OS/2، وذلك في عام 1985، ولكن; ولسببٍ ما، بدأت ميكروسوفت بالتوازي مع هذا الاتفاق بتطوير نظام Windows 1.0، وفي نهاية عام 1985، ومع انتقال ميكروسوفت لمقرها الجديد في Redmond بواشنطن، كان نظام ميكروسوفت الجديد مُستعداً للإطلاق، ليتم إطلاقه في فبراير من عام 1986.
نظام Windows 1.0 كان ذا مُتطلبات بسيطة للغاية، ولكن; ليس بالنسبة لوقت إطلاقه، فقد كان يتطلب ذاكرة عشوائية بحد أدنى 196 كيلوبايت، بالإضافة إلى Floppy Disk، ولكنه في المُقابل، تلقى الكثير من الانتقادات.
كانت هذه الانتقادات بسبب كثرة المهام التي يتم تنفيذها باستخدام الفأرة، والتي كانت شيئاً جديداً في ذلك الوقت، وكذلك بسبب أداء النظام غير المُستقر على الأجهزة ذات المُواصفات المُنخفضة.
ولكن: في الناحية الأُخرى، فقد كان له ميزتين، الأولى هي أنه كان لا يعتمد على بيئة UNIX عكس نظام Macintosh، وقد أتاح ذلك للمُطورين برمجة التطبيقات بسهولة عليه، لتتوفر عليه مجموعة كبيرة من التطبيقات والبرامج مُقارنةً بنظام شركة Apple. أما الميزة الثانية فهي عدم توفير ميكروسوفت للنظام بشكلٍ حصري على جهاز واحد، وهو ما مكن الكثير من الشركات من مُصنعي أجهزة الكمبيوتر مثل Compaq و Zenith وغيرهم من استخدام وتوفير النظام على أجهزتهم، مما وسع بدوره انتشار النظام.
ولكن; أتت الرياح بما لا تشتهي السُفُن، وذلك بسبب توفر برنامجين على نظام Windows 1.0 أحدهما للكتابة والآخر للطباعة، وهما البرنامجين اللذان كانا يتوفران في وقتٍ أسبق لإطلاق نظام Windows 1.0 على نظام شركة Apple، وذلك تحت اسماء MacWrite و MacPrint، وهُما ما كان سبباً في قيام الحرب بين الشركتين.
أضِف إلى ذلك إطلاق ميكروسوفت لنظام Windows 2.0، والذي كان يحتوي على واجهة مُشابهة بشكلٍ كبير لنظام Macintosh الذي تُطوره شركة Apple أيضاً، وهو ما قد تسبب برفع ستيف جوبز قضية على ميكروسوفت في عام 1988 بعد عودته إلى شركة Apple، يُقاضي فيها شركة Microsoft بتهمة سرقة ما قام بصنعه هو وفريقه.
وذلك; مع الأخذ في العلم أن كلا الشركتين، Microsoft و Apple قد أخذا فكرة الأنظمة ذات الواجهات الرسومية من Xerox PARC.
في ذلك الوقت، كانت شركة Apple تنهار، وذلك بسبب طغيان مبيعات الأجهزة العاملة بأنظمة ميكروسوفت على الساحة، فقام حينها ستيف جوبز بتشغيل عقله، وفضّل أن يفوز بأفضل شيء مُمكن أن يفوز به ويحتاجه.
التقى Steve Jobs و Bill Gates، وعرض Steve على Bill أن يتنازل عن القضية، وذلك في مُقابل بِضعة شروط.
أول هذه الشروط هو أن تقوم ميكروسوفت بالاستثمار في شركة آبل بما قيمته 150 مليون دولار، وذلك دون أن تمتلك بهم أية أسهم في شركة Apple. تلى ذلك أن تقوم ميكروسوفت بتوفير برمجياتها المُتمثلة في مجموعة Microsoft Office الصاعدة في ذلك الوقت على نظام Macintosh.
كلا الشرطين كانا لا توجد فيهما مشكلة بالنسبة لشركة ميكروسوفت، فالقضية كانت من المُمكن أن تتسبب في عداوة أكبر بين الشركتين، وتغريم ميكروسوفت مبلغ أكبر مما قد تستثمره في آبل، وفي الناحية الثانية، فإن طلب آبل لبرمجيات ميكروسوفت يُزيد من شعبية الأخيرة.
في عام 1997، نفذت ميكروسوفت تلك الشروط، وقد خرج حينها ستيف جوبز في أحد مُؤتمرات شركة آبل مُتوجهاً بالشكر لبيل جيتس.
إذاً، فمن هذه القصة، نكتشف ببساطة أن ميكروسوفت لم تقم بدعم آبل من تلقاء نفسها، ولكنها كانت صفقة للتنازل عن القضية، وهو ما لم يقم الإعلام والشركتين بالإفصاح عنه في ذلك الوقت.
كتب حينها Bill Gates مُذكرة داخلية تُدعى The Internet Tidal Wave، وهي مُذكرة شرح فيها نوايا الشركة بأنها تتجه للتركيز على شبكات الإنترنت مع توفير أنظمة وبرمجيات مُتوافقة مع التقنيات الجديدة، كما ذكر في مُذكرته أنه قد قضى عشر ساعات على الإنترنت في أحد الأيام ولم يجد فيهم أي ملف خاص ببرمجيات ميكروسوفت، فلم يجد ملف Word أو Doc أو AVI أو EXE، بل أن كُل ما كان موجوداً كان عبارة عن ملفات QuickTime الخاصة بشركة Apple ونظام Macintosh، وقد وصف حينها Bill مجموعة من المواقع بأنها مواقع “Cool” وكانت هذه المواقع هي Yahoo و Lycos و RealAudio.
وبعد ثلاثة أشهر من هذه المُذكرة، أطلقت ميكروسوفت موقع MSN، واستمرت في تطوير الأنظمة، بالإضافة إلى تطوير مُتصفح Internet Explorer، وهو المُتصفح الذي مكن ميكروسوفت من مُنافسة NetScape التي كانت مُسيطرة في ذلك الوقت على سوق مُتصفحات الإنترنت، ولكنه لم يتوفر مع النُسخة التجارية الأولى من نظام Windows 95، وذلك بسبب تأخر المُبرمجين والمُطورين عن انهاء المُتصفح قبل إطلاقه في الأسواق، وهو ما قد أجبر الشركة على إطلاق نُسخة إضافية من النظام تحت اسم Windows 95 Plus، لتحتوي هذه النُسخة على مُتصفح Internet Explorer.
كانت هذه القصة ولسببٍ ما واحدة من أكثر القصص طلباً في برنامج الحكاية والرواية، وبنسبة كبيرة، فالسبب وراء ذلك معروف، فهذه القصة ليس قصة لمُجرد شركة في وادي السيليكون، ولكنها قصة لشركة تمكنت من أن تكون أكبر مُوفِّر لبرمجيات الحواسيب في العالم في وقتٍ قصير للغاية، كما أنها مكنت مُؤسسها – في أوائل الثلاثينيات من عُمره- ملياردير، وذلك في عام 1983.
ما هي قصة هذه الشركة، وما هي أسباب نجاحها، وكيف وصلت لمكانتها الحالية، ولماذا فشلت في الأجهزة المحمولة، وما الحقيقة وراء استثمارها في شركة Apple وعداوتها أو صداقتها مع ستيف جوبز مُؤسس الشركة؟
كُل هذه الأسئلة سنُجيب عليها في الأسطُر التالية، فأهلاً بكم في حلقة جديدة من سلسلة مقالات الحكاية والرواية، واليوم، سنروي قصة ميكروسوفت .
مولد بيل جيتس ونشأته
في أكتوبر من عام 1955، ولأبٍ يُدعى William Gates وقد كان مُحامياً، وأم مُدرسة، وفي وقتٍ من الأوقات كانت سيدة أعمال، وُلِد Bill Gates.بالرغم من ثراء عائلة Bill، إلا أن هذا لم يكن سبباً رئيسياً في ثروته، بل يُمكن أن نقول إنه لو كان قد اتبع رغبات والده وأصبح مُحامياً مثله، لما كُنا سمعنا اليوم عن شركة تُدعى ميكروسوفت.
بسبب رغبة والد Bill في أن يكون مُحامياً، أدخله مدرسة Lakeside، وهي مدرسة خاصة عسكرية، تتميز بقوانينها الصارمة للغاية، وقد استمر Bill Gates في هذه المدرسة حتى قابل شخصاً يُدعى Paul Allen، ولكن; قبل أن نتطرق إلى Paul Allen، دعني أعرفك ب Bill Gates أولاً.
كان Bill Gates مثله مثل Elon Musk، حيث كان يُعاني من التنمُّر المُستمر في المدرسة، ويبدو أنه بجانب جامعة ستانفورد، فإن التنمر في الصغر هي الصفة المُشتركة بين كافة الناجحين في وقتنا الحالي.
في الناحية الأُخرى، فإن عائلة Bill Gates كانت صارمة للغاية، فبُناءً على رواية أحد أصدقائهم الذي قام بزيارتهم في وقتٍ ما، كان هُناك تشجيع دائم للمُنافسة في العائلة، فيما يعني أنه إذا قُمت بعمل شيء جيد، ستُكافئ عليه، وإذا قُمت بعمل شيء سيء، سيتم عقابك في الحال، وذلك بغض النظر عن كيفية العقاب والثواب.
إضافةً إلى كُلِ هذا، فإن Bill Gates كان دائماً ما يجلس في غُرفته وحيداً، وذلك بسبب الذي ذكرته في الأسطر السابقة، وعندما كانت والدته تسأله عما يقوم بفعله، كان يصرُخ قائلاً “أنا أُفكر”.
لقاء Bill Gates و Paul Allen
في مدرسة Lakeside، تقابل Bill Gates و Paul Allen لأول مرة، وقد كان Paul أكبر من Bill بسنتين، فهو من مواليد عام 1953، وقد كان كلاهما يُحب أجهزة الكمبيوتر، والتي كانوا يرونها في مكتبة المدرسة، والتي لا طالما حاولوا أن يقوموا بتعرفة طريقة تركيبها وآلية عملها، وهو ما تسبب في وقتٍ لاحق بمنعهم من دخول مركز الكمبيوتر.كان تفكير Bill Gates واضحاً للغاية، فقد كان يُفكِّر في أجهزة الكمبيوتر، يريد أن يعرف آلية عملها، ويُريد أن يعرف ما يُمكن أن يستفيده إذا قرر أن يتوجه في العمل إلى مجال أجهزة الكمبيوتر، سواءً كان أن يقوم بتركيبها أو تجميعها أو استخدام برمجياتها أو حتى برمجة أنظمتها.
ولذلك; فعندما قامت المدرسة بإحضار جهاز Teletype Model 33، والذي كان طابعة أكثر منه كمبيوتر، قرر Bill أن يُظهر شغفه بالجهاز، وذلك عن طريق حصص الرياضيات التي كان يدرسها، حيث قام حينها ببرمجة أول لعبة بنفسه، وهي لعبة XO.
كانت لعبة XO التي قام Bill Gates بتطويرها بوابته للعالم الجديد، وذلك لأنه تمكن حينها من السماح للبشر بلعب لعبة شائعة مثل XO -أو ما تُعرف ب Tic Tac Toe – مع أجهزة الكمبيوتر.
بعد نهاية حدث Mother’s Club، كان Bill وثلاثة من أصدقائه هُم Paul Allen و Ric Weiland و Kent Evans يُحاولون استغلال ثغرات في جهاز PDP-10 كي يتمكنوا عن طريقها من إطالة مُدة جلوسهم على هذه الأجهزة بشكلٍ مجاني، وحينها تم اكتشاف ما يقوم به الأصدقاء الأربعة وحُظِروا من التواجد داخل المدرسة طوال مُدة الصيف.
ولكن; فهذه لم تكن النهاية، فقد تجمع هؤلاء الأربعة وأسسوا ما عُرِف ب Lakeside Programmers Club، وهي مجموعة كانوا يُحاولوا من خلالها الوصول إلى طرق لكسب المال، وقد كان.
ففي وقتٍ لاحق، أصبح سبب حظر Bill وأصدقائه من المدرسة نعمةً عليهم، وذلك عندما ذهبوا إلى شركة CCC المُتخصصة في البرمجيات، والتي كانت أول من وفر إمكانية استخدام الطلاب وغير الطلاب لأجهزة الكمبيوتر بنظام مُشاركة الوقت (Time Sharing)، وعرضوا عليها أن يقوموا باكتشاف الثغرات في أنظمتهم، وذلك في مُقابل السماح لهم بالجلوس مُدة أطول على هذه الأجهزة، وقد استمر عملهم في هذه الشركة ك White Hackers حتى عام 1970، وهو العام الذي أغلقت فيه الشركة.
ولكن; لم يتوقف Bill عند هذه النُقطة، فقد ذهب بعد ذلك إلى المدرسة مُعتمداً على شجاعته في العرض، حيث قال لهم أن الجداول التي تُستخدم في المدرسة غير مُجدية وغير عملية، وطلب منهم أن يتركوا مهمة برمجة نظام معلومات خاص بالمدرسة له.
قام فعلاً Bill Gates ببرمجة نظام المعلومات الذي وعد به المدرسة، وقد قام حينها بتنظيم الحصص سامحاً لنفسه بذلك بالتواجد في الحصص التي تتواجد فيها الفتيات الاتي كان يُعجب بهن.
تأسيس شركة Traf-O-Data
في سن السابعة عشر، قرر Bill أن يقوم بتأسيس شركة تُدعى Traf-O-Data، وهي شركة كانت تختص بتصنيع عدادات الطُرق، وقد تمكن حينها باستخدام مُعالج Intel 8008 من تنفيذ Traffic Counter الذي يقوم بقراءة وتحويل البيانات من RAW إلى بيانات قابلة للقراءة من قِبل المُهندسين ليتمكنوا من تحسين الطُرق وتنظيم المداخل والمخارج بها.انتقال Bill Gates إلى الجامعة
إذا قُمنا باعتبار اختبار SAT (Scholastic Aptitude Tests) كمعيار للذكاء، فإن Bill Gates يُعد واحداً من أذكى البشر على الإطلاق، حيث أنه قد حصل في هذا الاختبار على 1590 من 1600، ولذلك فقد قُبِل في جامعة Harvard في عام 1973.درس Bill Gates في جامعة هارفارد في كلية الحقوق، وتخصص حينها في قسم Pre-Law، ولكنه لم يُعطيها تركيزاً كبيراً، حيث أنه كان يُركز على تعلم الرياضيات وعلوم الكمبيوتر.
قابل Bill Gates في الجامعة صديقه Steve Ballmer، وقد يكون هذا من أسوأ ما قد حدث في حياة Bill وفي تاريخ ميكروسوفت، وسوف أوضِّح ذلك بشكلٍ أكبر في وقتٍ لاحق.
عندما أطلقت شركة MITS جهاز كمبيوتر صغير (Microcomputer) يُدعى Altair 8800، قامت بالإعلان عنه في إحدى المجلات، وقد وجد Paul Allen – صديق طفولة Bill Gates- هذه المجلة، وحينها انطلق إلى Gates ليُريها إياه.
بمُجرد أن رأى Bill Gates هذه المجلة، قرر أن يترُك الجامعة، وقد كان هذا قراراً صعباً للغاية على عائلته، ولكنهم تفهموا الأمر حينها بعدما رأوا شغفه بأن يقوم بإنشاء شركته الخاصة في مجال الكمبيوتر.
تأسيس شركة ميكروسوفت – المرحلة الأولى
بعدما ترك Bill Gates الجامعة، قرر أن يتحدث على الفور مع شركة MITS التي قامت بتصنيع جهاز Altair 8800، وذلك ليُخبرهم أنه كان يعمل بالفعل على مُحول للغة BASIC ومنصة جديدة، ولكن; في الحقيقة لم يكن Bill و Allen يعملان على هذا على الإطلاق، ولكن; كان كلاهما يُريد أن يلفت انتباه الشركة، وهو ما قد حدث، وذلك بطبيعة الحال بسبب ندرة من كانوا يتخذون أمر الحواسيب الشخصية على محمل الجدية، ولذلك; وافق Ed Roberts أن يقوم بمقابلة الشابين، وقد حدد لذلك موعداً، وبدأ حينها العمل.ركّز Bill و Paul على أن يقوما بعمل جهاز مُحاكي لجهاز Altair، وذلك بالإَضافة إلى قارئ للغة BASIC، وذلك كي يكونوا صادقين مع Roberts، وقد نجح عرضهم بالفعل في مقر شركة MITS في مدينة Albuquerque، وهي المدينة التي أصبحت بعد ذلك المقر الرسمي لشركة ميكروسوفت.
بعد هذا العرض، قررت شركة MITS أن تقوم بتوزيع القارئ الجديد الذي قام Bill و Paul بتصميمه وصنعه تحت اسم Altair BASIC، وقد أمرت أيضاً بتوظيف كُلاً من Bill و Paul، وقد أطلق كلاهما على الشراكة التي بينهما اسم Micro-Soft، وهو اسم مُكون من كلمتين هُما Micro التي تأتي اختصاراً ل Microcomputer، وهي أجهزة الكمبيوتر التي كانت تُسيطر على العالم وقتها، بالإضافة إلى كلمة Soft التي تأتي من كلمة Software وتعني البرمجيات، وقد تم بعد ذلك إنشاء مكتب لميكروسوفت في Albuquerque، وقاموا بتسجيل الشركة في نوفمبر من عام 1976.
ولكن; تأتي الرياح بما لا تشتهي السُفُن، فقد تم تسريب جهاز Altair BASIC، وقد قامت الكثير من الشركات حينها بتقليده وصنع نسخ منه وقد بيعت بشكلٍ كبير، وفي فبراير من عام 1976، أرسل Bill بريداً لمن قاموا بشراء الجهاز ليُخبرهم بأن ما يُقارب من 90% من الأجهزة التي بيعت ذهبت أرباحها إلى الشركات التي قامت بعمل نُسخ مُزيفة من جهازه.
بعد انتهاء هذه المُشكلة، انفصلت ميكروسوفت عن MITS، ولكنها استمرت في تطوير برمجيات لغة البرمجة، حتى أن شركة Microsoft قد استطاعت بعد عامين فقط أن تقوم بعمل أول مكتب لها في اليابان، ليكون بذلك أول مكتب دولي للشركة ويحمل اسم ESC2 Microsoft، وفي الوقت الحالي يُدعى Microsoft Japan.
بدأت شركة ميكروسوفت في التوسع بشكلٍ أكبر في عام 1979، وذلك من خلال توظيفها لأفضل الكوادر الموجودة في مجال البرمجة، وذلك حتى وصلت إلى 30 مُوظف، وقد كان آخرهم Steve Ballmer.
كانت شركة ميكروسوفت تتعامل مع المُوظفين في ذلك الوقت كجُزء من الشركة، وتتعامل مع المُديرين كجزء من العمل، فيُمكن لك أن تتخيل ببساطة أن Bill Gates كان مُديراً ومُبرمجاً في الوقت ذاته لأكثر من ثلاثة أرباع المُنتجات التي قامت الشركة بصنعها.
بالإضافة إلى ذلك، فوِفقاً ل Bill Gates، كان يقوم بنفسه بمُراجعة كُل ما يُكتب بواسطة المُوظفين بنفسه.
استقالة Paul Allen من ميكروسوفت
في الوقت الحالي، لدينا Steve Ballmer، القادم الجديد الذي ظهر بشكلٍ جلي في الصورة، والطرف الثاني هو Paul Allen، والذي قرر في عام 1982 أن يقوم بترك ميكروسوفت، وذلك لأنه عانى من مرض Hodgkin’s lymphoma، وهو مرض سرطاني يأتي للغُدد الليمفاوية.يُقال أنه في تلك الفترة، حاول Bill Gates أن يقوم بإقناع Paul Allen بأن يترك له حصته في الشركة، وعندما رفض Paul Allen ذلك، طلب منه جيتس أن يُخفض حصته في أسهم الشركة إلى 40 بالمائة لتُصبح حصة Bill Gates بنسبة 60%، وذلك باعتبار أن بيل كان من قام بكافة العمل تقريباً، وبعد ذلك بفترة قصيرة، قام بيل برفع حصته في الشركة لتُصبح 64% مُقابل 36 بالمائة لصالح Paul Allen، وقد حاول كثيراً أن يُقنع Paul بشراء أسهمه مُقابل خمسة دولارات للسهم الواحد، ولكن استمر Paul في الرفض، وقد كان هذا الرفض أفضل ما فعله Paul، حيث أنه بعد انضمام الشركة للبورصة الأمريكية، أصبح Paul مليارديراً بجانب Bill Gates.
في أثناء كُل ذلك، كان يزيد تواجد Steve Ballmer في الشركة، وذلك بعد أن انضم لها في عا م1980 كالموظف رقم ثلاثين، وقد تم تعيينه بواسطة Bill Gates ليكون أول مُدير تطوير أعمال في الشركة براتب 50 ألف دولار.
لم تكن ميكروسوفت في تلك الفترة مُتوجهة للمُنافسة بشكلٍ كبير كما في الفترة التي تلتها، فقد كان هدفها هو التواجد في كافة الأجهزة من خلال برمجياتها، وليس مُنافسة مُصنعي الأجهزة مثل IBM على سبيل المِثال.
لذلك; قامت ميكروسوفت بعقد شراكة مع IBM في عام 1980، وذلك بموجب توفير ميكروسوفت لنظام التشغيل وتوفير IBM للأجهزة والقطع الداخلية لها، وقد وقع خيار جيتس وآلين حينها على نظام QDos أو 86-Dos، وذلك بعدما فشلوا في الوصول لاتفاق مع شركة DRIO (Digital Research)، والتي قامت بتصنيع نظام CPM الذي كان يُستخدم بشكلٍ شائع في ذلك الوقت.
لم يكن نظام 86-Dos من صُنع ميكروسوفت، وقد تكون هذه هي أولى الصدمات التي تكتشفها في قصة ميكروسوفت ، فهذا النظام كان من صُنع شركة Seattle Computer Products، والتي كان يمتلكها Tim Paterson.
اتفقت ميكروسوفت حينها مع Seattle Computer Products على شراء النظام، وبعد ذلك ذهبت لشركة IBM لتعرضه عليها كي تشتريه بقيمة 50 ألف دولار.
لم تكن اتفاقية الشراء تقضي بأحقية استخدام IBM لنظام 86-DOS بشكلٍ حصري، ولكن كان يوجد شرط في الاتفاق يسمح لميكروسوفت بتوفير النظام على أي جهاز آخر تقوم بتصنيعه أي شركة أُخرى وإن كانت مُنافسة ل IBM، وهو ما سمح لها بالتواجد بشكلٍ أكبر في السوق، وذلك لأن مبيعات النظام الجديد وصلت إلى أقصاها بسبب توفره على الكثير من الأجهزة، وذلك مُقارنة بأنظمة شركة Apple التي كانت تصعد في ذلك الوقت بسبب حصرها لنظامها على أجهزتها التي كان يعيبها ارتفاع ثمنها وعدم وجود خيارات كثيرة منها.
استمر العقد بين ميكروسوفت و IBM حتى عام 1981، وهو العام الذي استعادت فيه ميكروسوفت حقوق الملكية الكاملة لنظام 86-DOS، والذي قامت شركة IBM بإعادة تسميته ليُصبح PC-DOS، ولكن; كان هُناك مُشكلة واحدة أمام ميكروسوفت.
كانت شركة IBM هي الشركة الوحيدة التي قدمت ما يُعرف ب BIOS (Basic Input/Output System)، وذلك بحقوقٍ كاملة لها دون الحق لأي شركة أُخرى أن تقوم باستخدام نظامها، ولهذا السبب، اضطرت الشركات التي كانت تُريد استخدام نظام 86-DOS إلى أن تقوم بإجراء هندسة عكسية على نظام BIOS الخاص ب IBM، وذلك ليتمكنوا من معرفة آلية عمله وكيفية صُنع نظام مُشابه له، وبالفعل، تمكنت تلك الشركات من صُنع نظام خاص بهم ليُصبح بذلك استخدام نظام 86-DOS مُمكناً بالنسبة لهم.
مع مرور الوقت، ومع توفر الكثير من البرمجيات على نظام MS-DOS، وهو الاسم الذي أطلقته عليه ميكروسوفت بعدما استعادت حقوقه، تمكنت ميكروسوفت من أن تكون هي القائد التقني الجديد، وذلك بسبب تواجدها في أجهزة كافة الشركات بخلاف أجهزة Apple و IBM.
وهُنا، نصل إلى المرحلة الثانية من قصة ميكروسوفت ، ولكن، قبل أن أنتقل إلى المرحلة الثانية، دعني أخبرك الحقيقة وراء استثمار ميكروسوفت في شركة آبل
بالعودة إلى عام 1984، وتحديداً في مقر شركة آبل، والتي كانت تُدار وقتها بواسطة John Scully، المدير الذي سلف Steve Jobs بتوصية منه، وذلك هو الوقت الذي بدأت فيه شركة آبل بتصدير نظام ماكينتوش وتُوفِّره على الأجهزة، طلب Bill Gates من John كمُمثِّل عن شركة آبل أن يقوم بترخيص نظام ماكينتوش للاستخدام العام، فيما معناه أن يُسمح باستخدامه على كافة الأجهزة دون وجود حقوق حصرية لاستخدامه على الأجهزة التي تُصنعها شركة Apple، وذلك بهدف انتشار أجهزة الكمبيوتر الشخصية، وبطبيعة الحال سيعود هذا بالنفع لميكروسوفت التي ستُوفِّر برمجياتها على المزيد من الأجهزة وللمزيد من العُملاء، وحينها قد وافق Scully.
ولكن; بعد ذلك بعام، تحديداً في عام 1985، قام Jean Louis Gassee الذي كان مُديراً تنفيذياً لقسم Macintosh التابع لشركة Apple بفض هذا الاتفاق، وكان ذلك سبباً في أن يأخذ Bill Gates الأمر كتحدي، ليقوم في النهاية بعمل نظام جديد ذا واجهة رسومية، مثله مثل نظام Macintosh.
تعاون Bill مع شركة IBM في هذا النظام، وأُبرمت شراكة بينهما تُدعى Joint Development Agreement، وقام كلاهما بتطوير نظام يُدعى OS/2، وذلك في عام 1985، ولكن; ولسببٍ ما، بدأت ميكروسوفت بالتوازي مع هذا الاتفاق بتطوير نظام Windows 1.0، وفي نهاية عام 1985، ومع انتقال ميكروسوفت لمقرها الجديد في Redmond بواشنطن، كان نظام ميكروسوفت الجديد مُستعداً للإطلاق، ليتم إطلاقه في فبراير من عام 1986.
نظام Windows 1.0 كان ذا مُتطلبات بسيطة للغاية، ولكن; ليس بالنسبة لوقت إطلاقه، فقد كان يتطلب ذاكرة عشوائية بحد أدنى 196 كيلوبايت، بالإضافة إلى Floppy Disk، ولكنه في المُقابل، تلقى الكثير من الانتقادات.
كانت هذه الانتقادات بسبب كثرة المهام التي يتم تنفيذها باستخدام الفأرة، والتي كانت شيئاً جديداً في ذلك الوقت، وكذلك بسبب أداء النظام غير المُستقر على الأجهزة ذات المُواصفات المُنخفضة.
ولكن: في الناحية الأُخرى، فقد كان له ميزتين، الأولى هي أنه كان لا يعتمد على بيئة UNIX عكس نظام Macintosh، وقد أتاح ذلك للمُطورين برمجة التطبيقات بسهولة عليه، لتتوفر عليه مجموعة كبيرة من التطبيقات والبرامج مُقارنةً بنظام شركة Apple. أما الميزة الثانية فهي عدم توفير ميكروسوفت للنظام بشكلٍ حصري على جهاز واحد، وهو ما مكن الكثير من الشركات من مُصنعي أجهزة الكمبيوتر مثل Compaq و Zenith وغيرهم من استخدام وتوفير النظام على أجهزتهم، مما وسع بدوره انتشار النظام.
ولكن; أتت الرياح بما لا تشتهي السُفُن، وذلك بسبب توفر برنامجين على نظام Windows 1.0 أحدهما للكتابة والآخر للطباعة، وهما البرنامجين اللذان كانا يتوفران في وقتٍ أسبق لإطلاق نظام Windows 1.0 على نظام شركة Apple، وذلك تحت اسماء MacWrite و MacPrint، وهُما ما كان سبباً في قيام الحرب بين الشركتين.
أضِف إلى ذلك إطلاق ميكروسوفت لنظام Windows 2.0، والذي كان يحتوي على واجهة مُشابهة بشكلٍ كبير لنظام Macintosh الذي تُطوره شركة Apple أيضاً، وهو ما قد تسبب برفع ستيف جوبز قضية على ميكروسوفت في عام 1988 بعد عودته إلى شركة Apple، يُقاضي فيها شركة Microsoft بتهمة سرقة ما قام بصنعه هو وفريقه.
وذلك; مع الأخذ في العلم أن كلا الشركتين، Microsoft و Apple قد أخذا فكرة الأنظمة ذات الواجهات الرسومية من Xerox PARC.
في ذلك الوقت، كانت شركة Apple تنهار، وذلك بسبب طغيان مبيعات الأجهزة العاملة بأنظمة ميكروسوفت على الساحة، فقام حينها ستيف جوبز بتشغيل عقله، وفضّل أن يفوز بأفضل شيء مُمكن أن يفوز به ويحتاجه.
التقى Steve Jobs و Bill Gates، وعرض Steve على Bill أن يتنازل عن القضية، وذلك في مُقابل بِضعة شروط.
أول هذه الشروط هو أن تقوم ميكروسوفت بالاستثمار في شركة آبل بما قيمته 150 مليون دولار، وذلك دون أن تمتلك بهم أية أسهم في شركة Apple. تلى ذلك أن تقوم ميكروسوفت بتوفير برمجياتها المُتمثلة في مجموعة Microsoft Office الصاعدة في ذلك الوقت على نظام Macintosh.
كلا الشرطين كانا لا توجد فيهما مشكلة بالنسبة لشركة ميكروسوفت، فالقضية كانت من المُمكن أن تتسبب في عداوة أكبر بين الشركتين، وتغريم ميكروسوفت مبلغ أكبر مما قد تستثمره في آبل، وفي الناحية الثانية، فإن طلب آبل لبرمجيات ميكروسوفت يُزيد من شعبية الأخيرة.
في عام 1997، نفذت ميكروسوفت تلك الشروط، وقد خرج حينها ستيف جوبز في أحد مُؤتمرات شركة آبل مُتوجهاً بالشكر لبيل جيتس.
إذاً، فمن هذه القصة، نكتشف ببساطة أن ميكروسوفت لم تقم بدعم آبل من تلقاء نفسها، ولكنها كانت صفقة للتنازل عن القضية، وهو ما لم يقم الإعلام والشركتين بالإفصاح عنه في ذلك الوقت.
إطلاق متصفح Internet Explorer وموقع MSN
مع انتشار شبكات الإنترنت في تسعينيات القرن الماضي، بدأت ميكروسوفت تُفكِّر في سلك اتجاه جديد لتواكب العصر، وهو الاستثمار في الإنترنت، وذلك في عام 1995.كتب حينها Bill Gates مُذكرة داخلية تُدعى The Internet Tidal Wave، وهي مُذكرة شرح فيها نوايا الشركة بأنها تتجه للتركيز على شبكات الإنترنت مع توفير أنظمة وبرمجيات مُتوافقة مع التقنيات الجديدة، كما ذكر في مُذكرته أنه قد قضى عشر ساعات على الإنترنت في أحد الأيام ولم يجد فيهم أي ملف خاص ببرمجيات ميكروسوفت، فلم يجد ملف Word أو Doc أو AVI أو EXE، بل أن كُل ما كان موجوداً كان عبارة عن ملفات QuickTime الخاصة بشركة Apple ونظام Macintosh، وقد وصف حينها Bill مجموعة من المواقع بأنها مواقع “Cool” وكانت هذه المواقع هي Yahoo و Lycos و RealAudio.
وبعد ثلاثة أشهر من هذه المُذكرة، أطلقت ميكروسوفت موقع MSN، واستمرت في تطوير الأنظمة، بالإضافة إلى تطوير مُتصفح Internet Explorer، وهو المُتصفح الذي مكن ميكروسوفت من مُنافسة NetScape التي كانت مُسيطرة في ذلك الوقت على سوق مُتصفحات الإنترنت، ولكنه لم يتوفر مع النُسخة التجارية الأولى من نظام Windows 95، وذلك بسبب تأخر المُبرمجين والمُطورين عن انهاء المُتصفح قبل إطلاقه في الأسواق، وهو ما قد أجبر الشركة على إطلاق نُسخة إضافية من النظام تحت اسم Windows 95 Plus، لتحتوي هذه النُسخة على مُتصفح Internet Explorer.
كذلك احتوى نظام Windows 95 على شريط المهام لأول مرة، وهو الشريط الذي يحتوي على زر Start والساعة بالإضافة إلى المهام التي تعمل.
نهاية عهد Bill Gates
استمرت ميكروسوفت في هذه الخُطى من تطوير أنظمة وبرمجيات تضمنت Windows 95 و Windows Millinium و Windows 3.0، كما أبرمت شراكة مع شبكة قنوات NBC الفضائية لتُطلق قناة خاصة بها تُدعى MSNBC، وذلك بالإضافة إلى نظام Windows CE1، وهو نظام صُمم خصيصاً للأجهزة المحمولة والتي تمثلت حينها في المُساعدات الشخصية الرقمية مثل Pocket PC.
وذلك حتى وصلنا إلى عام 2000، وهو العام الذي تنحى فيه Bill Gates عن إدارة ميكروسوفت، وترك المهمة للمدير التنفيذي القادم، Steve Ballmer.
ميكروسوفت في الألفية الجديدة – عهد Steve Ballmer
ذكرت في وقتٍ سابق كيف تعرف Bill Gates على Steve Ballmer، وأنه كان المُوظف رقم 30 في قائمة مُوظفي ميكروسوفت التي تمتد حالياً للآلاف، كما أنه كان مُدير الأعمال الأول في تاريخ الشركة براتب وصل إلى 50 ألف دولار، ومع تنحي Paul Allen وابتعاده عن الشركة، لم يكن أمام Bill سوى Steve Ballmer ليتولى منصب الرئاسة التنفيذية في ميكروسوفت.
لم تكن بداية Steve Ballmer في ميكروسوفت بذلك القدر من السوء، ففي عهده قدمت الشركة عدد من الأنظمة الجديدة أهما نظام Windows XP الذي تميز بواجهة مُتطورة للغاية بالنسبة لذلك الوقت، كما دخلت في عهده مجال الألعاب لتُنافس شركتي Nintendo و Sony من خلال جهاز Xbox.
ولكن; في الناحية الأُخرى، فقد قامت الشركة بإطلاق أحد أفشل أنظمتها على الإطلاق، وهو نظام Windows Vista، وذلك في عام 2007، وفي المُقابل، قدمت منصة Microsoft Azure Services Platform، التي لا يُمكن أن نُنسبها ل Steve Ballmer بشكلٍ كامل، وإنما قد تم إطلاقها بواسطة كُلٍ من Bill Gates الذي كان مُستشاراً لشركة ميكروسوفت في ذلك الوقت بالإضافة إلى Satya Nadella الذي سنتحدث عنه في المرحلة الثالثة.
وأخيراً، أطلقت الشركة أيضاً نظام Windows 7، والذي تم إطلاقه في عام 2008 مع افتتاح أول متاجر ميكروسوفت، وهو النظام الذي كان على عكس نظام Windows Vista، أحد أنجح أنظمة ميكروسوفت على الإطلاق وله الحصة الأكبر من عدد المُستخدمين حتى الآن جنباً إلى جنب مع نظام Windows XP.
بعد ذلك ننتقل إلى عام 2007، العام الذي شهد إطلاق شركة آبل لأول هاتف iPhone بنظام iOS، والذي شهد أيضاً الإعلان عن نظام Android الذي كانت قد اشترته Google في عام 2005.
إذاً، فنحن أمام جوجل وآبل اللذان قد بدءا بالاتجاه إلى الهواتف الذكية، ماهو رد فعل ميكروسوفت؟
ببساطة، كان رد فعل ميكروسوفت على لسان Steve Ballmer، حيث استهزأ بهاتف iPhone، وسأل عن كيفية استخدام الناس لهاتف لا يحتوي على لوحة مفاتيح، كما تعجب كثيراً ممن قد يشتري هاتفاً محمولاً بسعر 500 دولار.
وبعد ذلك التصريح الذي كان في أحد لقاءاته التلفزيونية بعِدة أعوام، أفاقت ميكروسوفت من سُباتها، وقامت أخيراً بإطلاق نظام Windows Phone، والذي جاء بديلاً لنظام Windows Mobile، وكلاهما كان فاشلاً، وتعاونت الشركة مع الشركة التي كانت تُحارب السقوط آنذاك، Nokia، وذلك لأنها كانت ما تزال تستوعب الثورة التي حدثت في الهواتف المحمولة حيث كانت ما تزال تُركز على الهواتف التي لم نعد نراها اليوم، ليقوم الاثنان بتقديم مجموعة هواتف Lumia، وهي هواتف ذكية تُصنعها نوكيا ويُوجد عليها نظام Windows Phone.
بطبيعة الحال، لم تتمكن هواتف Lumia من مُنافسة هواتف Apple والهواتف العاملة بنظام Android، وذلك لاستمرارهما في التطور يوماً بعد يوم، مع بقاء نظام Windows Phone على حالته، حتى أنه مُنذ عِدة أسابيع، خرج Bill Gates ليُصرح لأحد الصحف بأن أكبر خطأ ارتكبته ميكروسوفت في تاريخها كان عدم فوزها بصفقة الاستحواذ على نظام Android أمام Google في عام 2005، حيث قامت Google بشرائه في ذلك الوقت بمبلغ وصل إلى خمسين مليون دولار.
لم تكن هذه هي نهاية شركة ميكروسوفت بالرغم من كُل هذا، وبالرغم من أنها كانت تخسر سنوياً ما قيمته تُعادل 400 مليون دولار بسبب سوق الهواتف الذكية الذي لم تتمكن من المنافسة فيه، بالإضافة إلى أنظمتها التي استمرت في التراجع، ولكن; هل هذه هي النهاية؟
دعونا ننتقل إلى المرحلة التالية والأخيرة من مراحل قصة ميكروسوفت .
المرحلة الثالثة والأخيرة.. ساتيا ناديلا رئيساً تنفيذياً لميكروسوفت
في الوقت الذي أصبح فيه الهُنود يسُيطرون على المجال التقني، سواءً عن طريق المُنافسة في سوق العمل الحر بسبب أسعارهم المُنخفضة وكفاءتهم، جاء اثنين منهم ليترأسا اثنين من أكبر شركات وادي السيليكون، هُما شركتي Google برئاسة ساندار بيتشاي، وشركة ميكروسوفت برئاسة Satya Nadella.
رحل Steve Ballmer عن ميكروسوفت في عام 2014، ليقوم Bill Gates حينها بتعيين Satya Nadella كرئيس تنفيذي لشركة ميكروسوفت، وهو مُواطن هندي أمريكي، وُلِد في حيدر آباد في الهند، وقد درس في مدرسة حيدر آباد الحكومية وبعد ذلك معهد مانيبال للتكنولوجيا في الهند، حيث درس فيه الهندسة الكهربية، وبعد ذلك; سافر إلى الولايات المُتحدة الأمريكية، ليدرس هناك علوم الكمبيوتر في جامعة ويسكنسن، ويحصل على شهادة MPA من كلية إدارة الأعمال في شيكاغو.
هذه كانت خُلاصة سريعة لبدايات ودراسات ساتيا ناديلا، أما بالنسبة لحياته العملية، فقد بدأها في وادي السيليكون عندما عمل في شركة Sun Microsystems كواحد من ضمن الفريق التقني في الشركة، وذلك حتى عام 1992، وهو العام الذي انضم فيه لشركة ميكروسوفت.
منذ انضمام ساتيا ناديلا إلى ميكروسوفت، وهو يترك بصمة كُل عام، وقد كان يُركِّز بشكلٍ كبير على الحوسبة السحابية (Cloud Computing)، وقد وصل سريعاً لمنصب نائب رئيس قسم البحث والتطوير في ميكروسوفت الذي يندرج أسفل الخدمات عبر الإنترنت، كما كان أيضاً نائب رئيس قسم ميكروسوفت للأعمال.
بسبب ساتيا ناديلا، رأينا مشاريع ومنتجات مثل Microsoft Database و Windows Server، كما أنه من كان وراء توفير أدوات المُطورين ل Microsoft Azure Cloud، كما كان سبباً في رفع أرباح ميكروسوفت من الخدمات السحابية من 16.6 مليار دولار إلى 20.3 مليار دولار، وذلك في عام 2013.
ولهذه الأسباب كافة، تم تصعيد ساتيا ناديلا ليكون بديلاً ل Steve Ballmer في عام 2014 ويتقلد منصب الرئيس التنفيذي لشركة ميكروسوفت. وقد كانت هذه الخُطوة هي خُطوة العودة بالنسبة لميكروسوفت.
تغيير سياسة ميكروسوفت مع منافسيها في عهد Satya Nadella
بدأ Satya Nadella عهده في إدارة ميكروسوفت بتغييره لسياستها في التعامل مع المنافسين، ليعود بها للأيام القديمة عندما كانت تتعاون مع شركة IBM، ولكن هذه المرة مع مجموعة مُختلفة من الأسماء.
أول ثمار هذا التغيير كان تعاون ميكروسوفت مع شركات مثل Salesforce و Drobox، وذلك بجانب العودة للتعاون مع شركة IBM، وكذلك شركة Apple.
كما أن في عهده انطفأت أخيراً شُعلة الصراعات التي اشتعلت طويلاً بين ميكروسوفت و Linux، عندما قرر ضم ميكروسوفت إلى Linux Foundation كعضو بلاتيني.
وبجانب كُل هذه الشراكات، بدأ ساتيا بمجموعة من صفقات الاستحواذ، وكذلك صفقات الاستغناء، والتي بدأها باستغنائه عن 1850 مُوظف من شركة ميكروسوفت بشكلٍ عام، و 7800 مُوظف من قسم الهواتف الذكية بشكلٍ خاص، وفي عام 2016، وبعد أن رأى الخسائر التي كان يتسبب بها قسم الهواتف الذكية، حتى أن حصة ميكروسوفت في سوق الهواتف الذكية لم تتخطى 15 بالمائة، قرر أن يبيع شركة Nokia للشركة الصينية HMD Global، لتُصبِح هذه واحدة من أهم الخطوات التي تم اتخاذها في عهد ساتيا ناديلا وفي تاريخ شركة ميكروسوفت بشكلٍ عام، وذلك بعدما كانت ميكروسوفت قد استحوذت على شركة Nokia بصفقة وصلت قيمتها إلى 7.2 مليار دولار في عام 2013.
قامت أيضاً ميكروسوفت في عهد Satya Nadella بإطلاق أول لوحة بيضاء تفاعلية والتي أُطلِق عليها Microsoft Interactive Whiteboard، وهي لوحة تفاعلية يُمكن أن تقوم من خلالها بإجراء العمليات الحسابية وتحويل نمطها من لوحة بيضاء إلى ساعة مع دعمها للوحات المفاتيح وغيرها، وقد كانت مُوجهة للمدارس، وتلى ذلك إطلاق ميكروسوفت ل Microsoft Surface Hub، وهو نفس فكرة اللوحة البيضاء التفاعلية ولكنه بشاشة لمسية ويعمل بنظام Windows 10 الذي أُطلِق أيضاً في عهد Satya Nadella لتتحول أنظمة Windows من أنظمة اعتيادية إلى خدمة ويكون هذا النظام هو آخر ما قدمته ميكروسوفت في مجال أنظمة التشغيل.
صفقات الاستحواذ في عهد ساتيا ناديلا
شهدت فترة تواجد ساتيا ناديلا في منصب الرئيس التنفيذي لميكروسوفت والتي مازالت مُستمرة حتى الآن مجموعة من صفقات الاستحواذ القوية والمُؤثِرة في العالم، والتي تضمنت أسماء منها ما قد كان معروفاً قبل استحواذ ميكروسوفت عليها ومنها من لم يكن.
قام ساتيا ناديلا بتعيين فيل سبينسر ليكون مديراً تنفيذياً لقسم Xbox، وذلك ليتسبب في واحدة من أهم صفقات ميكروسوفت في تاريخها، وهي صفقة الاستحواذ على شركة Mojang التي قامت بتطوير لعبة Minecraft التي أصبحت بعد ذلك البيضة التي تبيض ذهباً بالنسبة لميكروسوفت بسبب حجم مبيعاتها، وذلك بصفقة وصلت إلى 2.5 مليار دولار.
كما أنه بوجود ساتيا ناديلا وفيل سبينسر في ميكروسوفت، تم إطلاق Universal Windows Platform في عام 2016، وهو برنامج يُمكن مُستخدمي أي جهاز يعمل بنظام Windows 10 بإجراء مُزامنة مع الأجهزة الأُخرى العاملة بنظام Windows 10 وإمكانية لعب ألعاب أجهزة Xbox One على الحواسيب العاملة بنظام Windows 10 أيضاً.
اضف إلى ذلك استحواذ ميكروسوفت على منصة GitHub، وذلك بصفقة وصلت إلى سبعة مليارات ونصف المليار دولار، وهي منصة تُوفِّر للمُبرمجين والمُطورين إمكانية نشر ومُشاركة واستخدام البرمجيات الحرة ومفتوحة المصدر، ولم يكن هذا الاستحواذ مُجرد استحواذ على موقع على شبكة الإنترنت، ولكنه استحواذ على أكثر من 85 مليون دليل أو مجلد يحتوي على برمجيات ومشاريع المبرمجين مفتوحة المصدر، والذين وصل عددهم إلى أكثر من 30 مليون مُبرمج في الوقت الحالي، وهو ما يعني أن الشركة قد قامت بتعيين أكثر من 30 مُوظف بسبعة مليارات ونصف المليار دولار دُفعِت مرة واحدة، وهذا السبب تحديداً قد تسبب في مجموعة من ردود الفعل السلبية من قِبل مُستخدمي الموقع على الصفقة.
كذلك; فعندما تكون شركة بضخامة ميكروسوفت في الوقت الحالي ولا تمتلك منصة تواصل اجتماعي، ولم تُحاول حتى أن تُنافس في ذلك المجال مثلما حاولت شركة Google، ولذلك; فعندما رأت ميكروسوفت منصة تواصل اجتماعي ذات مفهوم مُختلف تحتوي على أكثر من 433 مليون مُستخدم منهم ما يزيد عن 2 مليون مُستخدم Premium، لم تتمكن من مُقاومة الصفقة، وذلك بالرغم من أن هذه المنصة تحتوي على عدد أقل من المُستخدمين وأنها مُوجهة وليست ذات توجه عام مثل بقية شبكات التواصل الاجتماعي الأُخرى، إلا أنها تتفوق على سبيل المِثال على تويتر الذي يحتوي على الكثير من التغريدات المُكررة بشكلٍ دائم مع التغريدات التي يتم كتابتها تلقائياً عبر التطبيقات.
ومُقارنة بموقع فيس بوك، فهو موقع تعتمد إعلاناته على العُملاء وليس الشركات، وهو ما كانت تتجه إليه ميكروسوفت بشكلٍ كبير في الفترة الأخيرة (توجهها لدعم الشركات).
وأخيراً، فإن Google+ كان يُثبت فشله ساعةً بعد ساعة، ولذلك: فضّلت ميكروسوفت الاستحواذ على منصة LinkedIn، خاصة بعد استحواذ الأخيرة على موقع Lynda الذي يُقدم الدورات المدفوعة والمجانية عبر الانترنت لتكون جُزءاً من مُمتلكات ميكروسوفت في النهاية.
شراكة ميكروسوفت وجوجل
واحدة من الخُطوات الأخيرة التي اتخذتها ميكروسوفت هذا العام وتحديداً هذا الشهر أيضاً هو تعاونها لأول مرة مع شركة Google، والذي سيُثمر عنه تحويل نواة مُتصفح Microsoft Edge إلى نواة Chromium المُستخدمة في مُتصفح Google Chrome وعدد من المُتصفحات الأُخرى، وذلك بغرض إصلاح المشاكل التي تُواجه الكثير من المُستخدمين ممن يستخدمون مُتصفح Microsoft Edge، وبذلك ينتهي تقريباً عصر مُنافسة ميكروسوفت لجوجل في مجال المُتصفحات، ولكن يُصبح هنا التفوق لميكروسوفت في كون المُتصفح يأتي مُثبتاً بشكلٍ افتراضي مع النظام، كما أن التفوق لجوجل بسبب قدرات المُتصفح على المُزامنة مع المتصفحات الأُخرى على كافة الأنظمة وأهمهم بالطبع نظام Android.
ميكروسوفت وتقنيات الواقع المُعزز
في الناحية الأُخرى تماماً، كان لميكروسوفت تركيز كبير على تقنيات الواقع المُعزز (Augmented Reality)، وقد قامت بصُنع نظارة تُدعى HoloLens تُمكن مُستخدمها من أن يقوم بأسقاط ما يراه بشكلٍ رقمي على الواقع ويتفاعل معه أيضاً، أهم ما في الأمر أن ميكروسوفت لم تتوقف عند هذا فقط، ولكنها في نوفمبر من عام 2018، أبرمت عقداً مع الجيش الأمريكي بقيمة 479 مليون دولار وذلك لتُوفِّر لهم نُسخ خاصة من نظارات HoloLens.
حينها، قام الجيش الأمريكي بتطبيق بعض التعديلات على نظارة HoloLens وقام بابتكار نظام جديد يُدعى Integrated Visual Augmentation System، وهو نُسخة مُعدلة تحديداً من HoloLens 2، ولكنها خاصة بحروب المُستقبل، ليُصبح بإمكان الجيش الأمريكي التعامل مع الحروب مثل ألعاب الفيديو كلعبة Call of Duty: Advanced Warfare مثل أن يقوم بتحليل الموقع ويُمكنه أن يرى في الظلام بالإضافة إلى إمكانية استخدام الرؤية الحرارية.
الختام
في النهاية دعونا نتفق على أن شركة ميكروسوفت ليست شركة ذات بداية سهلة، ولم تكن سنواتها كلها ناجحة، مثلها مثل بقية شركات وادي السيليكون تقريباً.
فقد مرت بثلاث مراحل; مرحلة بيل جيتس التي كان بها كم كبير من الإبداع بالنسبة لوقتها، ومرحلة ستيف بالمر التي كانت أسوأ المراحل الثلاث، ومرحلة ساتيا ناديلا التي في رأيي تُعد أفضلهم ومازالت مُستمرة حتى الآن وفي تطورٍ كبير توسعت فيها الشركة بشكلٍ ضخم وشاركت مُنافسيها قبل أصدقائها، وحتى أن شراكتها وصلت للجيش الأمريكي، وذلك يدل على عقلية فذة من المُمكن أن تجعل ميكروسوفت تقتحم الكثير من المجالات خلال السنوات القليلة المُقبلة وتحديداً في عهد ساتيا ناديلا.
يُذكر أيضاً أن الشركة تعود خُطوةً بخُطوة إلى الهواتف الذكية بهاتف مُنتظر للغاية هو هاتف Microsoft Andromeda، وهو هاتف قابل للطي ولكن دون وجود الكثير من المعلومات عنه حتى الآن.
إلى هُنا أكون قد انتهيت من قصة ميكروسوفت ، وهي مجرد نهاية قصتها في سلسلة الحكاية والرواية، ولكنها بالتأكيد ليست نهاية الشركة، فميكروسوفت باقية ما بقي العالم في حاجة إلى ما احتاجه طوال عقود، وهو البرمجيات.
لا تنسوا مُشاركة هذه القصة مع أصدقائكم وتُشاركونا برأيكم في قسم التعليقات بالأسفل، وأخبرونا بالقصص والروايات والحكايات التي تودون معرفتها في الحلقات السابقة.
كما لا تنسوا أن تقوموا بالاشتراك في قناة Artech كي يصلكم كُل ما هو جديد وتتعرفوا على المزيد من الشركات والتقنيات والشخصيات الهامة في وادي السيليكون وغيره.
ما رأيك بالموضوع !
0 تعليق: